هل يمكن لجذور الهندباء أن تكون علاجًا لسرطان القولون؟ إليكم ما يقوله العلم
نشر في 21.07.2025
في هذا المقال، سنتعرف على سمك العندق، أحد أسرار البحر الأحمر الغنية. طعم مميز، فوائد غذائية رائعة، واستخدامات متنوعة لا يعرفها الكثيرون!
في أعماق البحر الأحمر، وبين الشعاب المرجانية الملونة والمياه الدافئة الصافية، يعيش أحد الكنوز البحرية التي لا تحظى بالشهرة التي تستحقها، وهو سمك العندق. ورغم وفرة هذه السمكة في مياهنا وكونها جزءًا من التراث البحري في العديد من المناطق الساحلية، إلا أن كثيرين لا يعرفون قيمتها الغذائية، ولا نكهتها الفريدة، ولا حتى مميزاتها البيئية. وفي هذا السياق، إليكم أنواع طبخات السمك 6 وصفات ستجعلكم تعشقون هذه الأطباق.
سمك العندق أو كما يعرف في بعض المناطق باسم الكوفر، هو نوع من الأسماك البحرية يتبع فصيلة الأسماك النهاشية. حيث يعيش بكثرة في مياه البحر الأحمر والخليج العربي، ويمتاز بلونه الفضي المائل إلى الزرقة وبخطوط داكنة على جوانب جسمه. ويفضل العيش قرب الشعاب المرجانية، ويتغذى على الرخويات الصغيرة واللافقاريات البحرية.
يصل طول سمكة العندق في المتوسط إلى 30 سنتيمترًا، وقد تتجاوز ذلك في بعض الحالات. ولحمه طري ولذيذ، يجمع بين النعومة والنكهة البحرية القوية، مما يجعله مفضلًا لدى من يعرفونه، خصوصًا في المناطق الساحلية السعودية واليمنية والسودانية.
ما يجعل العندق مميزًا ليس فقط طعمه، بل قيمته الغذائية العالية. فهو غني بالبروتين عالي الجودة، ويحتوي نسب ممتازة من الأحماض الدهنية أوميغا 3، والتي تؤدي دورًا مهمًا في دعم صحة القلب والدماغ. كما أنه منخفض الدهون المشبعة، ما يجعله خيارًا مثاليًا لمن يتبعون نظامًا غذائيًا صحيًا.
ويحتوي سمك العندق أيضًا مجموعة من المعادن المهمة مثل الكالسيوم، والفوسفور، والمغنيسيوم، والزنك، بالإضافة إلى الفيتامينات مثل فيتامين D وB12، ما يجعله غذاء متكاملًا يعزز من وظائف الجسم المختلفة، ويقوي المناعة، ويساعد في بناء العضلات والعظام.
رغم أن البعض لا يعرف العندق جيدًا، فإن من تذوقه مرة يعرف أنه من أجود أنواع الأسماك للطهو. ويمكن تحضيره بعدة طرق، من أشهرها الشواء على الفحم، حيث تظهر نكهته بوضوح، أو الطهي على الطريقة الخليجية مع الأرز والبهارات في أطباق مثل الصيادية أو المرق. ويستخدمه البعض أيضًا في عمل الكبسة البحرية أو حتى في الطواجن مع الخضار. وإليكم تتبيلة السمك المشوي على الفحم.
لحمه متماسك نسبيًا، مما يجعله مناسبًا للقلي، من دون أن يتفتت. كما أن حجمه المتوسط يجعل تنظيفه وتحضيره أسهل من بعض الأنواع الأخرى. ومن الملاحظ أن أهل الساحل يعرفون تمامًا كيف يتعاملون معه، ويعتبرونه من الأسماك “الآمنة” للأطفال نظرًا لقلة الشوك الرفيع داخله.
يتوفر سمك العندق بكثرة في البحر الأحمر، ويعد من الأنواع التي تتكاثر طبيعيًا بكفاءة. ومع ذلك، وكما هو الحال مع معظم الموارد البحرية، فإن استدامته تتطلب وعيًا في الصيد، واحترام فترات التزاوج، وتجنب صيد الصغار. ومن المعروف أن الصيادين المحليين يستخدمون شباكًا مخصصة لصيده من دون إيذاء الشعاب المرجانية، مما يعكس وعيًا بيئيًا متزايدًا في المناطق الساحلية.
وقد بدأت بعض المبادرات في السعودية ومصر والسودان بالترويج لفكرة “الصيد المسؤول”، لضمان استمرار وفرة العندق وغيره من الأسماك المحلية، مع الحفاظ على التوازن البيئي الدقيق في البحر الأحمر.
رغم فوائده ونكهته، لا يحظى سمك العندق بالشعبية ذاتها التي تحظى بها أنواع مثل الهامور أو السلمون أو التونة. يعود ذلك جزئيًا إلى ضعف الترويج التجاري له، إذ تركز الأسواق الكبرى على الأنواع المعروفة عالميًا. كما أن الاسم نفسه قد لا يكون مألوفًا لغير أهل البحر، في حين يتغير اسمه حسب المنطقة، مما يزيد من صعوبة التعرف عليه. وفي السياق نفسه، يمكنكم التعرف على أفضل أنواع السمك للأكل أدخلوها في نظامكم الغذائي.
لكن في السنوات الأخيرة، بدأت المطاعم المحلية في بعض المدن الساحلية بإدراج العندق ضمن قوائمها، خصوصًا تلك التي تروج للمأكولات البحرية الأصيلة. كما ساهمت وسائل التواصل الاجتماعي في إبراز جمال المطبخ المحلي، مما جعل البعض يكتشفون هذا الكنز المنسي.
إن كنوز البحر الأحمر لا تقتصر فقط على المناظر الطبيعية تحت الماء، بل تشمل أيضًا ثروات غذائية طبيعية مثل سمك العندق. وبدلًا من الاعتماد الدائم على الأسماك المستوردة أو المعروفة فقط، ربما حان الوقت لإعادة اكتشاف هذا النوع المحلي الذي يجمع بين المذاق الرائع، والقيمة الغذائية العالية، والتكلفة المناسبة.
برأيي الشخصي كمحررة، تناول العندق ليس مجرد تجربة طعام، بل هو احتفاء بتراث البحر الأحمر ودعم حقيقي للصيادين المحليين الذين يجلبون هذا الكنز البحري الطازج من أعماق البحر إلى موائدنا. فالعندق يمثل خطوة نحو مطبخ أكثر استدامة وتنوعًا، يجمع بين النكهة الأصيلة والاختيار الواعي. لذا، في المرة القادمة التي تمرون فيها بسوق السمك أو مطعم بحري، ابحثوا عن العندق أو اسألوا عنه، فلربما تكتشفون نكهة جديدة تستحق أن تبقى في ذاكرتكم ومائدتكم.