المستكة في المطبخ العربي: عبق الماضي ونكهة الحاضر

في هذا المقال، سنتعرف على استخدامات المستكة في المطبخ العربي، كما سنتعرف على فوائدها الصحية ونكهاتها العطرية التي تضيف نكهة مميزة.

ias

حين نفتح خزائن مطابخنا العربية، نجد مكونات تعبق بالتاريخ والذكريات، وأحد أبرز هذه المكونات هي المستكة، تلك المادة العطرية التي ما زالت تزين الأطباق والحلويات وتضفي سحرًا خاصًا على الأطعمة والمشروبات. فالمستكة ليست مجرد نكهة، بل هي حكاية تراثية عريقة تمتد جذورها إلى قرون مضت، ارتبطت بالضيافة والدواء، وبالطهو المتقن الذي يجمع بين الطعم والعطر. وقد يهمكم الاطلاع على كيفية استخدام المستكة بلائحة طويلة من الاستعمالات لن تتوقعوها.

ما هي المستكة؟

المستكة أو “الماستيك”، هي مادة صمغية تفرزها شجرة المستكة (Pistacia lentiscus)، التي تنمو بشكل أساسي في منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط، ولا سيما في جزيرة “خيوس” اليونانية، حيث تعتبر ذات جودة عالية ومصدرًا رئيسيًا لهذه المادة الثمينة. ويتم استخراجها من لحاء الشجرة بطرق تقليدية، وتجفف لتصبح قطعًا كالكريستال ذات رائحة مميزة تجمع بين الحلاوة والدفء.

شجرة المستكة
شجرة المستكة

مكانة المستكة في التراث العربي

عرف العرب المستكة منذ العصور القديمة، واستخدموها ليس فقط في الطهي، بل أيضًا في الطب التقليدي والتجميل وتطهير الفم. وقد كانت تعتبر من التوابل الفاخرة التي تزين موائد الخلفاء، وتدخل في إعداد الأطعمة الملكية والحلويات ذات المكانة الرفيعة. وارتبطت المستكة في الثقافة العربية بالأناقة والنظافة والكرم، وكان يقال إن رائحة بيت فيه مستكة تشبه رائحة المسك والعنبر.

استخدامات المستكة في المطبخ العربي

تتميز المستكة بقدرتها الفريدة على التكيّف مع الأطباق المالحة والحلوة، مما يجعلها مكونًا استثنائيًا في المطبخ العربي. وعند إضافتها بكميات صغيرة جدًا، تضفي رائحة فاخرة ومذاقًا ناعمًا لا يضاهى.

في الحلويات

تعتبر المستكة عنصرًا أساسيًا في كثير من الحلويات العربية التقليدية. فهي تدخل في إعداد:

  • المهلبية: حيث تضاف المستكة مع الحليب والنشاء لتمنح المهلبية رائحة شرقية مميزة.
  • الآيس كريم العربي (البوظة): حيث تستخدم مع السحلب لتمنح القوام المطاطي والطعم العطري الفريد.
  • الكنافة والبسبوسة: يضاف القليل منها إلى القطر لإثراء النكهة. جربوا مثلًا تحضير الحلقوم بالمستكة للحصول على طعم لا يقاوم.

في الأطعمة المالحة

تستخدم المستكة في تتبيلات اللحوم والمأكولات المحشوة، كما تضاف إلى بعض أنواع المرق والشوربات، خصوصًا تلك المعدّة على الطريقة الشامية أو الحجازية، حيث تبرز نكهتها مع البهارات الأخرى مثل الهيل والقرفة.

في القهوة

في بعض المناطق، تضاف المستكة إلى القهوة العربية لتعزيز نكهتها العطرية، ما يمنحها لمسة ملكية تقدم غالبًا في مناسبات خاصة.

الحلقوم بالمستكة
الحلقوم بالمستكة

المستكة في المطابخ غير العربية

رغم ارتباط المستكة الوثيق بالمطبخ العربي، إلا أن نكهتها العطرية تخطت حدود الشرق الأوسط لتتألق في مطابخ أخرى، أبرزها المطبخ اليوناني والتركي. في اليونان، تعرف المستكة باسم Mastiha، وتعد مكونًا تقليديًا في صناعة الحلويات والمخبوزات، لا سيما في “كعكة تسوريكي” التي تقدّم في الأعياد.

أما في تركيا، فالمستكة تضفي طابعًا خاصًا على “الراحة التركية”، وعلى البوظة الكلاسيكية ذات القوام المطاطي، حيث تخلط مع السحلب لمنحها النكهة والملمس المميزين. كما تدخل في تحضير بعض أنواع البقلاوة والمثلجات والمشروبات الساخنة.

فوائد صحية تقليدية

بعيدًا عن النكهة، لطالما ارتبطت المستكة بخصائص طبية مفيدة. فالطب الشعبي العربي اعتبرها علاجًا للعديد من الحالات:

  • تحسين الهضم: المستكة تهدئ المعدة وتخفف من الغازات وعسر الهضم.
  • مطهّرة للفم: تستخدم كمضغ طبيعي لتعطير النفس وتعقيم الفم.
  • مضادة للبكتيريا: تحتوي خصائص طبيعية تساعد في مقاومة الجراثيم، وقد استخدمت تقليديًا لعلاج قرحة المعدة.
  • تعزيز صحة الكبد: تشير بعض الدراسات الحديثة إلى أن المستكة قد تساهم في تقليل إنزيمات الكبد المرتفعة وتحسين وظائفه.

تحديات استخدام المستكة اليوم

رغم جمال طعمها وفوائدها، تواجه المستكة اليوم تحديات عدة في الانتشار، أبرزها:

  • ارتفاع ثمنها: تعتبر المستكة من المكونات الغالية نسبيًا، خصوصًا تلك المستخرجة من المصادر الأصلية في اليونان.
  • صعوبة استخدامها: تحتاج إلى طحن دقيق غالبًا مع السكر أو الملح، وتستخدم بكميات صغيرة جدًا، ما يتطلب مهارة في الطهي. ويمكنكم التعرف على طريقة تذويب المستكة : إكتشفوا فوائدها واستخداماتها المتنوعة في تحضير حلى رمضان.
  • قلة الوعي بها: كثير من الأجيال الجديدة قد لا تعرف المستكة إلا كنكهة في البوظة أو العلكة، ولا تستخدمها في الطهي اليومي.
يمكن تحضير ألذ الحلويات باستخدام المستكة
يمكن تحضير ألذ الحلويات باستخدام المستكة

دعوة لإحياء المستكة في مطابخنا

في ضوء مكانتها الغنية، ندعو كل الطهاة ومحبي النكهات الأصيلة إلى إعادة إحياء استخدام المستكة في وصفاتهم. فهي ليست مجرد نكهة تقليدية، بل عنصر يمكن إعادة اكتشافه بطرق جديدة، من خلال دمجه في وصفات عصرية كالمخبوزات، أو الحلويات الباردة، أو حتى مع صلصات مبتكرة.

برأيي الشخصي كمحررة، إن المستكة ليست مجرد مكوّن في الطبخ، بل هي جزء من الذاكرة. ورائحتها تعيدني إلى بيوت الجدّات، وإلى أطباق كانت تحضر بحب وببطء. وفي زمن السرعة والنكهات الجاهزة، تبدو المستكة دعوة للعودة إلى الجذور، إلى الطهي بالأصالة، وإلى تقدير البهارات كجزء من الذاكرة والهوية.


مواضيع ذات صلة

أفضل أنواع سمك الفيليه لصحة أقوى ومذاق لا يُقاوم!

بشرة نضرة وصافية؟ السر في هذه الأطعمة السحرية!

الفرق الكبير بين الأطعمة الطازجة والمعالجة.. هل تعرفون كم سعراتها؟

المضمضة بزيت الزيتون: فوائد عديدة تعرّفوا إليها

هل جربتم الزعفران بهذه الطرق؟ وصفات سهلة ونكهة مميزة!

مأكولات هندية: أشهر وأفضل الأطباق التي يجب عليكم تجربتها!

الكرز من الفواكه الخارقة التي تحتوي مركبات بيولوجية قادرة على قتل الخلايا السرطانية!

من قلب الصحراء إلى مائدتكم: حكاية الحميس الأصيل

جهاز ميني بان كيك إختراع مثالي لتحضير كميات كبيرة من دون عناء

فوائد مذهلة لوضع البطاطس مع الفاصولياء أثناء النقع لا تعرفوها!

إشتركي بنشرتنا الإخبارية