Warning: Grandmas in the kitchen can cause extreme happiness!
نشر في 03.11.2025
في هذا المقال، نأخذكم في رحلة إلى عالم المتّة السورية، المشروب الذي يجمع بين النكهة الفريدة والعادات الاجتماعية العميقة.

تعد المتة من المشروبات التقليدية التي تميز المجتمع السوري، خصوصًا في المناطق الجبلية والساحلية. فهي ليست مجرد شراب يحضر بالماء الساخن ويحتسى في أوقات الفراغ، بل هي عادة اجتماعية وجزء من أسلوب حياة. ويجتمع الناس حول المتة كما يجتمعون حول فنجان القهوة أو كأس الشاي، لكن لها طابع خاص يمنحها مكانة مختلفة عن أي مشروب آخر. وننصحكم بالتعرف أكثر على فوائد عشبة المتة: من تعزيز الطاقة والتركيز إلى تحسين الأداء البدني.
تعود أصول المتة إلى أمريكا الجنوبية، تحديدًا إلى دول مثل الأرجنتين والبرازيل والباراغواي، حيث تستخرج من أوراق شجرة تسمى “الهيربا ماتي” (Yerba Mate). انتقلت المتة إلى الشرق الأوسط في أواخر القرن التاسع عشر مع المهاجرين السوريين واللبنانيين الذين عادوا من أمريكا الجنوبية حاملين معهم هذا المشروب الفريد.
ومع مرور الوقت، استقرت المتة في الثقافة السورية، وأصبحت مشروبًا يوميًا أساسيًا في كثير من المناطق، لا سيما في السويداء وريف دمشق والساحل السوري.

تحضير المتة يتطلب خطوات بسيطة ولكن دقيقة، إذ يعتمد الطعم والنكهة على التوازن بين الماء وكمية المتة. بحيث توضع أوراق المتة المجففة في كأس معدني يعرف باسم “المتاية” أو “القنوش”، ثم يغرس داخله أنبوب معدني يسمى “المصفاية”، يستخدم للشرب من دون أن تمر الأوراق.
بعد ذلك يضاف الماء الساخن، بدرجة حرارة لا تصل إلى الغليان، ويترك المشروب ليتشرب النكهة تدريجيًا. فالبعض يفضل إضافة القليل من السكر أو الأعشاب العطرية، فيما يفضل آخرون المتة الصافية بطعمها الطبيعي.
إليكم من موقع أطيب طبخة طريقة عمل المتة السورية بخطوات سهلة وبسيطة جدًا. ويمكنكم تقديمه إلى جانب الكعك اللذيذ.
بما أن المتة تحتوي الكافيين، حاولوا تناولها بشكل معتدل، خصوصًا إذا كنتم تتجنبون مشروبات منبهة في فترات معينة من اليوم.
تقدّم ل…
1 أشخاصدرجات الصعوبة
سهل10 دقيقة
15 دقيقة
25 دقيقة
في سوريا، لا تقدم المتة للضيوف فقط بوصفها مشروبًا، بل بوصفها وسيلة للتواصل الاجتماعي. فعندما يجتمع الأصدقاء أو أفراد العائلة، يتم تبادل الكأس بين الجميع، فيدور المشروب في جو من الألفة والحديث الهادئ.
هذا الطقس الجماعي يعكس قيم المشاركة والاحترام، إذ يعتبر تقديم الكأس للآخر نوعًا من المجاملة والود. ولهذا السبب يقال إن المتة تجمع الناس أكثر مما تفعل القهوة أو الشاي، لأنها تقوم على المشاركة الحقيقية لا الفردية.
إلى جانب كونها مشروبًا اجتماعيًا، تتميز المتة بفوائد صحية متعددة. فهي تحتوي مجموعة من الفيتامينات والمعادن، مثل فيتامين C والمغنيسيوم والحديد. كما تحتوي مادة الكافيين بنسب معتدلة، مما يمنح الجسم طاقة من دون أن يسبب التوتر أو الأرق كالقهوة.
تعرف المتة أيضًا بقدرتها على تحسين الهضم وتنشيط الدورة الدموية، كما تساعد في تقليل الشعور بالتعب. ويعتقد أن شربها بانتظام يساهم في تعزيز التركيز واليقظة الذهنية. وهل تعلمون أن للمتة فوائد تساعد على التنحيف.

لكل منطقة سورية طريقتها الخاصة في شرب المتة. ففي بعض المناطق تشرب في الصباح مع الفطور، بينما في مناطق أخرى تكون رفيقة الجلسات المسائية الطويلة.
تستخدم المتة أحيانًا كوسيلة للتعبير عن الضيافة أو المودة، فحين يزور شخص بيتًا للمرة الأولى، يقدم له كأس متة كدليل ترحيب. وحتى في المناسبات الاجتماعية، سواء كانت أفراحًا أو مجالس هادئة، لا تخلو الجلسات من وجود المتة على الطاولة.
مع ازدياد انتشارها، تطورت صناعة المتة في سوريا لتصبح جزءًا من الإنتاج المحلي. فتوجد اليوم عدة شركات تقوم باستيراد أوراق المتة الخام من أمريكا الجنوبية، ثم تعبئتها وتوزيعها في الأسواق السورية والعربية. كما ظهرت أنماط جديدة من المتة بنكهات الأعشاب أو الفواكه، لكنها لم تستطع أن تحل مكان المتة الكلاسيكية ذات الطعم الأصلي.

في البيوت السورية، غالبًا ما تكون المتة حاضرة منذ الصباح وحتى ساعات الليل. فهناك من يبدأ يومه بها بدل القهوة، وهناك من يفضلها أثناء العمل أو أثناء الدراسة. والبعض يعتبرها وسيلة للاسترخاء بعد يومٍ متعب، وآخرون يرونها محفزًا على التركيز والهدوء.
ورغم اختلاف الأسباب، تبقى المتة نقطة التقاء مشتركة بين الأجيال. فالشباب يشربونها كما فعل آباؤهم وأجدادهم، مع اختلاف بسيط في الأدوات أو الإضافات، لكن الطقس الأساسي لم يتغير. وتعرفوا أكثر على أسرار هذا المشروب العشبي الرائع.
برأيي الشخصي كمحررة، رحلة المتة في سوريا ليست مجرد انتقال مشروب من قارة إلى أخرى، بل قصة اندماج ثقافي واجتماعي كامل. فقد تحولت من نبات غريب على المائدة العربية إلى رمز يومي يجمع الناس على الهدوء والحديث والمودة.