سؤال يراود أذهاننا...هل البيض يسبب غازات؟
نشر في 11.07.2025
يتكرر سؤال هل الدجاج لحم؟ كثيرًا في أذهان الناس، خصوصًا عند الحديث عن الحمية الغذائية، أو عند تطبيق أحكام دينية أو ثقافية تتعلّق بالطعام. يظنّ البعض أن الدجاج يندرج تحت فئة منفصلة عن اللحوم، ويُطلقون عليه “لحم أبيض” أو “بروتين خفيف”، فيما يؤكد آخرون أنه لحم بكل ما للكلمة من معنى. فهل يصح اعتبار الدجاج لحمًا من الناحية العلمية والتغذوية؟
في هذا المقال، نُجيب بشكل شامل عن سؤال هل الدجاج لحم، بالاعتماد على المصادر العلمية المعتمدة في تصنيف الأغذية. نسلّط الضوء على الفرق بين اللحم الأبيض واللحم الأحمر، ونناقش القيمة الغذائية لكل نوع. كما نتناول دور الدجاج في النظام الغذائي الصحي، ونختم بمعلومة تؤكّد موقع الدجاج في هرم البروتينات الحيوانية.
ابدؤوا أولًا باتباع التصنيف الغذائي الرسمي. تُعرِّف الجهات العلمية المعنية بالغذاء، مثل منظمة الأغذية والزراعة (FAO)، “اللحم” بأنه كل نسيج عضلي مأخوذ من جسم الحيوان، ويُستخدم للاستهلاك البشري. وبناءً على هذا التعريف، يُعدّ لحم الدجاج نوعًا من اللحوم، تمامًا كما تُعدّ لحوم البقر والضأن.
ينتمي الدجاج إلى فئة “اللحوم البيضاء”، بينما تصنَّف الأبقار والخراف ضمن “اللحوم الحمراء”. لا تنفي هذه التسمية كونه لحمًا، بل تُشير إلى خصائصه الفيزيائية والكيميائية، مثل محتوى الحديد ونوع الألياف العضلية.
لفهم الموضوع بشكل أعمق، ينبغي توضيح الفروقات بين اللحوم البيضاء واللحوم الحمراء. تحتوي اللحوم الحمراء نسبة أعلى من بروتين “الميوغلوبين”، وهو المسؤول عن منحه اللون الأحمر الداكن، وغالبًا ما يكون نسبة تركيزه أعلى في عضلات الحيوانات التي تتحرك ببطء مثل الأبقار.
تحتوي اللحوم البيضاء كالدجاج والديك الرومي، كميات أقل من الميوغلوبين، ما يجعل لونها أفتح. تُعتبر اللحوم البيضاء أيضًا أقلّ احتواءً على نسبة الدهون مقارنةً باللحوم الحمراء، وتحتوي تركيز أقل من الدهون المشبعة والكولسترول.
يظلّ الدجاج رغم وجود هذا الاختلاف، ضمن فئة اللحوم، ويُدرج في جداول التغذية كمصدر بروتيني حيواني لا يقل أهمية عن باقي أنواع اللحوم.
لا شكّ في أن لحم الدجاج من أفضل مصادر البروتين الحيواني. يحصل الجسم في كل 100 غرام من صدور الدجاج منزوعة الجلد، على ما يقارب 31 غرامًا من البروتين، مقابل أقل من 3 غرامات من نسبة الدهون. كما يحتوي كميات جيدة من فيتامين B6، والنياسين (B3)، والزنك، والفسفور، وجزء من الحديد.
ما يميّز الدجاج عن اللحوم الحمراء هو انخفاض محتواه من الدهون المشبعة، ما يجعله خيارًا مثاليًا للذين يعانون من أمراض القلب أو ارتفاع نسب الكولسترول. كذلك، يُعدّ سهل الهضم نسبيًا مقارنة ببعض أنواع اللحوم الأخرى.
يُوصي خبراء التغذية بتناول الدجاج عدة مرات في الأسبوع ضمن اتباع نظام غذائي متوازن، مع الانتباه لطريقة الطهي (السلق أو الشوي بدلًا من القلي).
يطرح هذا السؤال كثيرًا في الأوساط الصحية. الجواب: نعم، يمكن استبدال اللحوم الحمراء بالدجاج لتقليل خطر الإصابة بالأمراض المزمنة. فقد أثبتت دراسات عديدة أن تناول كميات كبيرة من اللحوم الحمراء، خصوصًا المعالجة (مثل النقانق والمرتديلا)، يرتبط بزيادة خطر الاصابة بأمراض القلب والسكري وبعض أنواع السرطان.
في المقابل، تُظهر دراسة منشورة في American Journal of Clinical Nutrition عام 2012 أن تناول الدجاج واللحوم البيضاء يُعدّ أكثر أمانًا على الصحة، ويُسهم في دعم كتلة العضلات من دون تأثير سلبي على صحّة القلب أو الأوعية الدموية.
يُعتبر تناول الدجاج بديلًا صحيًا للبروتين الحيواني، خاصة إذا تم تحضيره بطرق خفيفة، بدون إضافات دهنية أو ملح زائد.
يأخذ الدجاج مكانًا واضحًا في الهرم الغذائي، ضمن مجموعة اللحوم والبروتينات. وتشير توصيات معظم المنظمات الصحية إلى أنّه يجب أن يُستهلك البروتين بكميات معتدلة، ومن مصادر متنوّعة. لذلك، يُنصح بموازنة استهلاك الدجاج مع مصادر أخرى كالبيض، والأسماك، والبقوليات.
كما يُعتبر تناول الدجاج خيارًا مناسبًا لجميع الفئات العمرية، بما في ذلك الأطفال، وكبار السن، والرياضيين، شرط أن يُطهى بطريقة صحيّة. فهو يُساهم في تقوية بنية العضلات، وتعزيز الشفاء السريع، وتحسين أداء الجسم، من دون تحميله دهونًا غير ضرورية.
هل الدجاج لحم؟ نعم، وبلا شك. تُثبت الأدلة العلمية أنّه يُعدّ لحم الدجاج من اللحوم البيضاء، ويأخذ مكانته الكاملة في تصنيفات الغذاء كمصدر بروتيني حيواني صحي ومتكامل. يُقدّم فوائد جمّة للجسم، ويُعدّ خيارًا ممتازًا للباحثين عن توازن غذائي بين مستوى الطاقة والقيمة الصحية.
اختاروا الدجاج كجزء من نظامكم الغذائي، وركّزوا على طرق الطهو الصحية مثل السلق والشوي، وابتعدوا عن القلي والصلصات الثقيلة. ومع الالتزام بالاعتدال، سيُصبح الدجاج مصدرًا رائعًا للبروتين بدون التسبّب في أي ضرر طويل المدى. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وقدمنا لكم طريقة طهي لحم الضأن.
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أعتبر الدجاج من أكثر الأطعمة توازنًا بين الطعم والفائدة. أحرص على إدخاله في وجباتي الأسبوعية، لأنه يمنحني شعورًا بالشبع من دون إثقال الجسم. كما أراه خيارًا مثاليًا لأطفالي، لسهولة طهوه وهضمه، ولأنه يرضي الذوق العائلي من دون الحاجة إلى الكثير من التوابل أو الدهون. الدجاج ليس فقط لحمًا، بل هو من أذكى خيارات البروتين لمن يفكّر في صحة مستدامة.