ما العلاقة بين الجوز وصحة الدماغ؟
نشر في 20.05.2025
هل يستحق صيام الماء كل هذا العناء؟ هذا ما سأشاركه معكم بكل صراحة، بعيدًا عن المثالية، وبكل ما فيه من تحديات ومكاسب واجهتها.
في خضم زحمة الحياة والضغوط اليومية، قررت أن أجرب شيئًا مختلفًا، شيئًا بدا لي في البداية شبه مستحيل وهو صيام الماء. لا أكل، لا عصائر، لا قهوة، فقط ماء. فقد قرأت كثيرًا عن فوائده، بين من يصفه بالمعجزة الشافية وبين من يعتبره مخاطرة غير محسوبة. وإليكم جدول منظم لرجيم الماء.
بدأت الفكرة من فضول. رأيت بعض الرياضيين ومدربي الصحة يتحدثون عن “الديتوكس” العميق الذي يتيحه صيام الماء، وعن فوائده في تعزيز طاقة الجسم وصفاء الذهن وحتى خسارة الدهون. وفي داخلي، كان هناك دافع خفي وهو أردت أن أختبر انضباطي، وأتحدى نفسي جسديًا ونفسيًا. لكن، وبكل صدق، كان لدي أيضًا دافع جسدي سطحي وهو فقدان بعض الكيلوغرامات العنيدة.
دخلت اليوم الأول بحماس كبير، فشربت الكثير من الماء، وقلت لنفسي: “أنا قادرة على فعل هذا”. في البداية شعرت بخفة في جسمي، وذهني كان يقظًا. ولكن مع حلول المساء، بدأ الصداع يزحف ببطء، ربما بسبب نقص الكافيين والسكر. حاولت تجاهله، وأقنعت نفسي أنه جزء من “الانسحاب الطبيعي”.
استيقظت في اليوم الثاني على شعور غريب، مزيج من الخفة والضعف. فجسدي بدا وكأنه يعيد تشغيل نفسه. فالجوع كان واضحًا، ليس فقط في المعدة، بل في كل الخلايا. والماء لم يكن كافيًا لإسكات الرغبة الشديدة في الأكل. وفي بعض اللحظات، كنت أفكر في الانسحاب. لكنني استمريت، وجعلت نفسي مشغولةً قدر الإمكان بالقراءة، التنفس العميق، واليوغا الخفيفة.
بحلول اليوم الثالث، لاحظت شيئًا غريبًا. فالجوع لم يختف، لكنه أصبح أقل وحشية. وشعرت أنني بدأت أتكيف، فذهني أصبح أكثر صفاءً، تنفسي أعمق، والنوم أعمق. والغريب أنني شعرت بنوع من السلام الداخلي. كأن شيئًا بداخلي بدأ يهدأ. بدأت ألاحظ كيف أن الطعام، بالنسبة لي، لم يكن فقط حاجة جسدية، بل أيضًا عاطفية.
من المهم أن أكون صادقة، فصيام الماء ليس سهلًا. وفي بعض اللحظات، شعرت ببرودة شديدة في أطرافي، وتراجعت طاقتي بشكل ملحوظ. كما أن مزاجي كان متقلبًا، وسريع الانفعال. لم أكن قادرة على التعامل مع الآخرين. ببساطة، كنت في وضع “الصمت”. وهنا فهمت نقطة مهمة وهي أن صيام الماء ليس مجرد تجربة جسدية، بل نفسية وروحية. هو مرآة تريكم كيف تتعاملون مع الحرمان والفراغ.
عندما قررت إنهاء الصيام بعد ثلاثة أيام ونصف، فعلت ذلك بحذر، من خلال شرب عصير فواكه خفيف، ثم حساء دافئ. وكان طعم الطعام لا يصدق. وكأن حواسي كلها أصبحت أكثر وعيًا، شعرت بامتنان عميق لأبسط شيء وهو لقمة الخبز.
بعد الصيام، لاحظت أن رغبتي في الطعام انخفضت، خصوصًا السكر. فمزاجي استقر، وأصبحت أقدّر الأكل أكثر، وأنتبه لجودة ما أضعه في فمي. حتى تركيزي في العمل والتمارين تحسّن، وجسدي خسر بعض الدهون، لكن المكسب الحقيقي كان داخليًا.
إليكم ما يجب أن تعرفوه قبل أن تبدأوا:
عندما نمتنع عن الطعام ونتناول الماء فقط، يدخل الجسم في سلسلة من التغيّرات الكيميائية والفسيولوجية العميقة. في البداية، يعتمد الجسم على مخزون الجلوكوز الموجود في الكبد والعضلات كمصدر للطاقة. ولكن خلال أول 24 ساعة، يبدأ هذا المخزون بالنفاد، فيتحول الجسم إلى نظام طاقة بديل يعرف بالكيتوز، حيث يبدأ في تكسير الدهون وإنتاج “الكيتونات” لتغذية الدماغ والعضلات. وتعد هذه العملية أحد الأسباب التي تجعل الكثيرين يشعرون بنوع من “صفاء الذهن” خلال الصيام.
كما يؤدي صيام الماء إلى انخفاض مستويات الإنسولين والجلوكوز في الدم، مما يمنح الجهاز الهضمي فترة راحة نادرة ويساعد في تحسين الحساسية للإنسولين، وهو أمر حيوي لمرضى ما قبل السكري أو من يعانون من مقاومة الإنسولين. كذلك، يساهم الصيام في تقليل الالتهابات، مما يدعم صحة المفاصل والدماغ وحتى الجلد. وقد حصلنا على جميع هذه المعلومات من موقع medicalnewstoday.
صيام الماء ليس موضة أو تحدي سطحي على “السوشال ميديا”. بل هو تجربة تساعدكم على تحدي أنفسكم. هل هو سهل؟ قطعًا لا. هل هو مفيد؟ نعم، إن تم بطريقة واعية ومدروسة. وهو يشبه إعادة تشغيل لجهازكم الداخلي، يذكركم بما هو أساسي. تعرفوا أيضًا على تجربتي مع شرب الماء الدافئ على الريق.