أفران المايكروويف بين الخرافة والحقيقة: نعمة أم نقمة على الصحة؟
نشر في 14.07.2025
اطرحوا السؤال الأهم: هل البيض من مشتقات الحليب؟ قد يظنّ البعض أن الإجابة نعم، خاصّة عند ربط البيض بالحميات النباتية أو بالحساسية من منتجات الألبان، لكن يحتاج هذا الاعتقاد الشائع إلى تصحيح علمي دقيق. يتكرر هذا اللبس في حياتنا اليومية، خصوصًا عند القيام بالتسوّق أو إعداد الطعام لأشخاص يعانونن من حساسية أو تفضيلات غذائية خاصة. لذلك، من الضروري فهم الفرق الحقيقي بين البيض ومنتجات الحليب، حتى لا تُبنى قرارات صحيّة أو غذائيّة على معلومات غير دقيقة.
في هذا المقال، نوضّح لكم هل البيض من مشتقات الحليب من منظور علمي واضح. نبدأ بتعريف المشتقات الغذائية، ثم نشرح الفرق البيولوجي بين البيض والحليب، ونتناول أنواع الحساسية الغذائية المرتبطة بكل منهما، ونستعرض دور كلٍّ من البيض والحليب في الأنظمة الغذائية المختلفة.
ابدؤوا بفهم الأساس العلمي. تعتبر مشتقات الحليب كل منتج يُستخرج من حليب الحيوانات مثل الأبقار أو الماعز أو الأغنام. من هذه المشتقات: الجبن، والزبادي، والقشدة، واللبن، والزبدة، والحليب المجفف. أما البيض، فلا علاقة له بالحليب لا من قريب ولا من بعيد.
يُنتج البيض من الدجاج أو الطيور، بينما يُنتج الحليب من الغدد الثديية للثدييات. أي أن المصدر الحيوي لكل منهما مختلف تمامًا، وهذا ما يجعل البيض ليس من مشتقات الحليب إطلاقًا، بل يُصنّف كمصدر بروتين حيواني مستقل بذاته.
انتقلوا الآن إلى معرفة الفرق في التركيب. يحتوي البيض البروتينات عالية الجودة، خاصة في بياضه، بالإضافة إلى فيتامين B12، وفيتامين D، والسيلينيوم، والكولين. في المقابل، يوفّر الحليب الكالسيوم، والبروتين، وفيتامينات B2 وB12، والدهون المشبعة بنسب متفاوتة.
يعدّ تناول البيض خيارًا آمنًا لمن يعانون من عدم تحمّل اللاكتوز، لأنه لا يحتوي هذه المادة إطلاقًا، وهو السكر الطبيعي الموجود في الحليب. تُبرز هذه النقطة فرقًا جوهريًا يجعل من الخطأ تصنيف البيض ضمن مشتقات الحليب.
افهموا جيدًا أنّ شعور الحساسية الغذائية لا تتطابق بين البيض والحليب. تنتج الحساسية من الحليب غالبًا بسبب بروتين الكازين أو اللاكتوز. تنتج الحساسية من البيض عن بروتينات موجودة في بياض البيض مثل “الأوفالبومين”. تختلف العوارض والعلاجات كليًا.
لا يمكن لمن يعاني من حساسية الحليب أن يفترض أنّ تناول البيض ضار له، والعكس صحيح. لذلك، يجب استشارة اخصائي تغذية أو طبيب حساسية قبل استبعاد أي نوع غذائي من النظام اليومي بناءً فقط على الظن.
لاحظوا الفرق بين الحميات التي ترفض استهلاك مشتقات الحليب والبيض. من يتّبع النظام النباتي التقليدي (vegetarian) قد يستهلك البيض ومنتجات الحليب، لكن من يتبع النظام النباتي الصرف (vegan) لا يستهلك لا البيض ولا مشتقات الحليب.
هذا يوضح مرة أخرى أن البيض ليس ضمن نفس الفئة الغذائية مع مشتقات الحليب. يُفرّقون النباتيين بينهما أثناء اتباعهم نمطهم الغذائي. يعدّ البيض مصدر مستقل للبروتين الحيواني، والحليب مصدر مستقل للكالسيوم والبروتين الحيواني المرتبط بالثدييات.
دعّموا معرفتكم بالدليل العلمي. أظهرت دراسة نُشرت في مجلة Food Chemistry عام 2016 أنّ البيض والحليب يحتويان تركيبات بروتينية مختلفة كليًا، من حيث الأحماض الأمينية والنسب الغذائية، ولا يشتركان بأي بنية غذائية متطابقة سوى في كونهما من مصادر حيوانية.
وقد خلص الباحثون إلى أن البيض يُشكّل خيارًا غذائيًا ممتازًا، حتى للأشخاص الذين لا يتحمّلون استهلاك منتجات الحليب، لأنه لا يُسبّب نفس الاستجابات المناعية المرتبطة باللاكتوز أو الكازين. تُبرهن هذه النتائج خطأ الاعتقاد الشائع بأن البيض أحد مشتقات الحليب.
طبّقوا هذه المعلومات خلال القيام بالتسوّق، والتحضير الغذائي، وتخطيط الوجبات. لا تُخرجوا البيض من قائمة الطعام عند التعامل مع حساسية الحليب، إلا إذا وُجدت حساسية منفصلة من البيض. كذلك، لا تضعوا علامة “خالٍ من مشتقات الحليب” على منتجات تحتوي البيض، فهذا يُضلّل رأي المستهلك.
ركّزوا على قراءة الملصقات الغذائية بدقة. المنتج الذي يُكتب عليه “خالٍ من مشتقات الحليب” قد يحتوي البيض والعكس بالعكس. يلتزمون المصنعين بتعريف علمي واضح لما يُعتبر مشتقًا من الحليب وما لا يُعتبر كذلك.
هل البيض من مشتقات الحليب؟ بعد تقديم هذا الشرح المفصّل، تتضح الإجابة: لا. البيض ليس مشتقًا من الحليب لا من حيث المصدر البيولوجي، ولا من حيث التركيب الغذائي، ولا حتى في الحميات الغذائية أو الحساسية. يعتبر الفرق بينهما جوهري، وكل منهما ينتمي إلى فئة غذائية خاصة به.
ركّزوا على بناء معرفتكم الغذائية على أساس علمي، لا على الموروثات أو الظنون. لا يُفيد هذا الفهم فقط في تجنّب الأخطاء، بل يساعد أيضًا في التخطيط لتحضير وجبات متكاملة، وصحية، وآمنة. أخيرًا سبق وكشفنا لكم عن أهمية البيض على صحة الدماغ والقلب.
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أرى أن تصحيح هذا المفهوم البسيط قد يُحدث فرقًا كبيرًا، خاصة عند التعامل مع حالات الحساسية أو تصميم أنظمة غذائية دقيقة. شخصيًا، أتناول البيض كمصدر غني بالبروتين من دون الشعور بالقلق، حتى في فترات امتناعي عن تناول الحليب أو مشتقاته، وأعتبره عنصرًا أساسيًا في مطبخي اليومي. أنصح كل قارئ بالرجوع دائمًا إلى مصادر العلم، لأن الالتزام بغذاء صحيح يبدأ من اتباع المعلومة الصحيحة.