حجر مظبي: سر النكهة الأصيلة في المطبخ السعودي!
نشر في 17.07.2025
تحمل حلويات بعين الجمل عبق التاريخ ونكهة التقاليد التي توارثتها الشعوب جيلًا بعد جيل. ليست مجرّد وصفات عابرة، بل هي مرآة لثقافات متنوّعة، استخدمت عين الجمل كعنصر رئيسي في صناعة الحلويات لما يتمتّع به من قوام غني ونكهة فريدة وقيمة غذائية عالية. دخل الجوز منذ قرون، في تركيبة اعداد أشهر الحلويات الشرقية، وامتدّ ليجد له مكانًا لائقًا على موائد الغرب الراقية.
في هذا المقال، نسلّط الضوء على عالم حلويات بعين الجمل، بدءًا من تاريخ استخدامها، مرورًا بأشهر الأصناف التي تعتمد عليها، وصولًا إلى القيمة الغذائية للجوز ودوره في تعزيز الطعم والفائدة معًا. كما نستعرض تطوّر هذه الحلويات من المطبخ العربي إلى العالمي، ونناقش كيف أصبح الجوز جزءًا لا يتجزّأ من الحلويات الحديثة، من دون إغفال لمسة محلية تعبّر عن الجذور.
تعود أصول حلويات بعين الجمل إلى بلاد الشام والعراق والمغرب العربي، حيث يُستخدم الجوز بكثرة في اعداد وصفات تقليدية مثل المعمول، والكليجة، والبقلاوة، و”المقروطة”. يُضاف الجوز عادةً للحشوة أو يُرشّ على الوجه، وقد يُطحن أو يُخلط مع السكر والقرفة والماء الزهري لإضفاء نكهة خاصة.
تُظهر هذه الحلويات، من جهةٍ، مدى تقدير المطبخ العربي لمكوّنات الطبيعة؛ فهو يُوظّفها ليس فقط لإشباع الحواس، بل أيضًا – من جهة أخرى – لدعم صحّة الجسم من خلال مغذّيات طبيعية غنية. إلى جانب ذلك، عُرفت هذه الوصفات في الأعياد والمناسبات الكبرى، وكانت تُحضّر يدويًا، وهو ما يمنحها طابعًا عائليًا دافئًا ومليئًا بشعور الحنين.
انتقلت حلويات بعين الجمل من الشرق إلى الغرب، لتتأقلم مع تقاليد المطابخ العالمية. في أوروبا، أصبح الجوز مكوّنًا أساسيًا في اعداد التارت الفرنسي والبراونيز الأمريكي. أما في تركيا واليونان، فظهر بقوّة في تحضير البقلاوة بطبقاتها المقرمشة وحشوتها الغنيّة بالجوز والعسل.
في الواقع، لم تخلُ الحلويات الحديثة من وجود الجوز، إذ يدخل اليوم في صناعة كرات الطاقة الصحية، والكيك النباتي، والـ”كوكيز” الخالية من السكر. بالإضافة إلى ذلك، تُستعمل عجينة المعمول المحشوة بالجوز كأساس لتحضير وصفات مبتكرة تُقدَّم في حفلات الشاي والمناسبات العالمية، ما يعكس قدرة هذا المكوّن التقليدي على مواكبة الذوق العصري.
يُعتبر الجوز أحد أقوى المكونات التي تجمع بين النكهة والفائدة. يحتوي مضادات أكسدة قوية تُخفّف من حدة الالتهابات وتحسّن وظائف القلب. كما يُعد من الأطعمة التي تدعم الذاكرة وتنشط وظائف الدماغ، ما يجعله خيارًا ذكيًا يُقدم للأطفال وكبار السن على حد سواء.
عند مزجه مع العسل، يصبح الجوز مصدرًا رائعًا للطاقة الطبيعية؛ ولهذا السبب، يُستخدم بكثرة في تحضير وصفات “حلويات الطاقة” التي انتشرت مؤخرًا. ومن أبرز هذه الوصفات: “كرات الجوز بالشوفان” و”بار الجوز والتمر”، حيث يجتمع الطعم اللذيذ مع الفائدة الغذائية في كل قضمة.
ولتحضير واحدة من أعرق حلويات بعين الجمل، نقدّم لكم وصفة المعمول الشامي بالجوز، التي تُعدّ من أكثر الأصناف تميّزًا في المطبخ الشرقي، إذ تجمع بين النكهة العميقة والقوام المثالي، مما يجعلها خيارًا لا يُقاوم في المناسبات والأعياد.
ابدؤوا بخلط السميد والطحين والسكر والمحلب والمستكة، ثم أضيفوا السمن والزيت، وافركوا الخليط بأطراف الأصابع حتى يتشرّب السميد كامل الدهن. اتركو العجينة لترتاح لعدة ساعات، ثم اعجنوها بماء الزهر حتى تتماسك.
لتحضير الحشوة، امزجوا الجوز مع السكر والقرفة وماء الورد، بعدها شكّلوا كرات صغيرة من العجينة، واحشوها بالجوز، وأغلقوها بإحكام. يمكن استخدام القوالب الخاصة للمعمول لتزيين السطح.
أخيرًا، اخبزوها على حرارة 180 درجة مئوية حتى تكتسب لونًا ذهبيًا فاتحًا. بعد ذلك، اتركوها لتبرد تمامًا، ثم رشّوا عليها سكر البودرة، وقدّموها مع القهوة أو الشاي لمذاقٍ شهي ومظهر أنيق.
إنّ حلويات بعين الجمل ليست فقط أطباقًا تُرضي الحواس، بل تجسيد حيّ للتلاقح بين الثقافات، والارتباط العميق بين المطبخ والصحة والذاكرة. يحمل الجوز في طيّاته شعور الدفء الشرقي والنكهة العالمية، ويستحق أن يأخذ مكانًا ثابتًا في مطبخ كل من يقدّر التفاصيل الدقيقة ويبحث عن التوازن بين الطعم والفائدة. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وقدمنا لكم طريقة تحضير سكونز الجوز.
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أجد في حلويات بعين الجمل توازنًا فريدًا بين الطابع الشرقي المحبّب والذوق العالمي الراقي. أحبّ استخدام الجوز في الكليجة والمعمول، لكنني أيضًا لا أتردّد في إدخاله في تحضير وصفات الكيك والكرامبل. هو مكوّن يمنح الطبق قيمة ومذاقًا، ويُذكّرني دائمًا بأن الحلويات يمكن أن تكون مغذية وجميلة في آنٍ واحد. أنصح كل محبّ للمطبخ أن يمنح هذا الكنز الطبيعي دورًا أكبر في وصفاته، لأن النكهة التي يتركها لا تُنسى.